قصة القاتل المهرج الذي كان يختبئ خلف ابتسامته البريئة

إن الجرائم الشنيعة التي تحدث داخل المجتمع لا يمكن إلا أن تثير ردود فعل قوية وتشعل البحث عن الحقيقة وراءها.

واحدة من تلك القصص المروعة هي قصة جون واين جايسي، المعروف أيضًا باسم “المهرج”، القاتل الأمريكي المتسلسل الذي أودى بحياة العديد من الأطفال والشباب في منطقة شيكاغو بين عامي 1972 و 1978. هذا المقال سيتناول حياة جون واين جايسي وجرائمه المروعة والتأثير العميق الذي تركه على المجتمع وعلى علم النفس الجنائي لنكمل سلسلة البحث في عالم القتلة المتسلسلين وفهم حقيقة هؤلاء القتلة كما فعلنا مع أخطر قاتل متسلسل ونستكملها اليوم مع هذا المهرج المتوحش.

قاتل متسلسل خلف زي مهرج

جون واين جايسي ولد في 17 مارس 1942 في شيكاغو، إلينوي. كان طفلاً لطيفاً وبريئاً وقد عاش حياة تبدو طبيعية وعادية بالنسبة للمعظم. ومع ذلك، لم يكن هناك أي مؤشر على وجود تلك القدرة الشيطانية التي تعيش بداخله.

على الرغم من براءة طفولته، واجه جايسي ضغوطًا عاطفية شديدة من والده السيء السمعة. وكان لديه أيضاً مشاكل في المدرسة وتعرض للتنمر، مما ساهم في تشويه صورته الذاتية وترعرعه في بيئة سامة. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت طفرة جنسية لدى جايسي في سن مبكرة وكان ينظر إلى المجلات الإباحية بشكل متزايد.

بداية الحياة المزدوجة

في عام 1964، بدأت جرائم جون واين جيسي بإلقاء أظلالها على عالم الجريمة. فقد قام باغتصاب وقتل العديد من الشبان الأبرياء بعد أن جذبهم بوعود لوظائف ومساعدة في الحصول على سكن. كان لديه مزرعة خارج شيكاغو حيث يخفى ضحاياه بشكل مهني وعبقري ويرسل لأسرهم بطاقات بريدية تدعوهم لحضور مناسبات خاصة.

في تلك الفترة، تابع جون وظيفة وراثية ككاتب تنفيذي في شركة نفط حكومية و عمل أيضاً كمهرج في حفلات الأطفال والحفلات الخيرية ومن ثم بدأ سجله الإجرامي.

فقد اشترى منزلا في إلمهورست، إلينوي، أطلق عليه قبو الرعب. في هذا المنزل، قام جون ببناء تحت الأرض سراديب تحتوي على غرف مُقفلة بدقة تحت الأرض، واستخدمها لارتكاب جرائمه الرهيبة.

استغلال الضحايا بضحكة بريئة

لقد قام بأول جريمة في عام 1972 عندما اغتصب وقتل شاباً يبلغ من العمر 15 عاماً في ولاية أيوا. ودفن جثته في قبو منزله.

بعد ذلك، قتل واغتصب جايسي عدداً من الشباب والأطفال، واستمر بنفس العملية بقتلهم واغتصابهم ودفنهم في القبو وأحدهم لم يتجاوز عمره 14 عاماً. فقد استغل مهنته كـ “مهرج” لكسب ثقة ضحاياه المحتملين، وأقنع بعضهم بالتوجه إلى منزله لرؤية مجموعة فنية خاصة به.

وعلى الرغم من ارتكابه العديد من الجرائم الشنيعة، تمكن جيسي من الابتعاد عن الشبهات لسنوات طويلة.

ولكن كل شيء تغير في ديسمبر 1978، عندما قام شخص من عائلة ضحيته العاشرة باخبار الشرطة عن اختفاء ذويه. وبالفعل عُثر على بعض الرفات من الضحايا في قبو منزله. وقد تبين أنه في بعض الحالات، قام بفعل مريع بالجثث، حيث قام بربط شانكار بأرجلهم وألقى بهم في النهر.

وبالتحقيقات والمحاكمات المتبعة، تمكنت الشرطة من تحديد هويات الضحايا وتوصلوا إلى عدد بالغ، حوالي 33 ضحية، كانوا ينتمون بشكل رئيسي لمجتمع المثليين والمساكين المهملين.

التخفي وراء المشاركة الإجتماعية

وقد كشفت التحقيقات الأولية تفاصيل مروعة عن جرائمه وعن طريقة تعامله الوحشية مع ضحاياه، حيث قام بتعذيبهم واغتصابهم ثم قتلهم ودفنهم.

وذلك بفضل احترافه في التلاعب بمشاعر الناس وقدرته على إظهار جانبه الطيب واللطيف تجاه الجميع. فقد كان يعمل كمنسق للحفلات الاجتماعية المحلية وكان عضواً في الجمعيات الخيرية المحلية.

مدة جرائم جون كانت تمتد لأكثر من سبع سنوات، وخلال هذه الفترة قتل واغتصب وهتك عرض أكثر من 33 ضحية. قام بإغراء ضحاياه المحتملين بواسطة التظاهر بأنه رئيس شركة بناء أو مالك سراديب تحت الأرض. وظل يعيش حياة مزدوجة بين شخصيته العادية وشخصيته الإجرامية.

نهاية الطيبة المتصنعة

أدين جايسي في عام 1980 بقتل أكثر من 33 شخصاً وحكم عليه بالإعدام.

وبعد سنوات من الطعن في الأحكام، تم إعدامه بالحقنة القاتلة في 10 مايو 1994، اثناء ذلك الوقت اعترف بقتل 33 شخصاً، لكن العديد من الضحايا المحتملين لا يزالون مجهولي الهوية.

تعرضت قضية جون واين جيسي للشهرة العالمية وأثارت الجدل الواسع حول الجرائم الشنيعة، وتركت العديد من الأسئلة بدون إجابة. ما الذي يدفع شخصًا للاستمتاع بقتل الآخرين والتلاعب بحياتهم؟ هل وراثيًا أم تربويًا؟ هل كان هناك علامات تحذيرية يمكن أن تكشف عن طبيعته الشريرة من قبل؟

قضية جايسي تتسم بالغموض والتعقيد في نفس الوقت. لم يكن ينم عن أي علامات جلية تجعله مشتبهاً به، فقد منح صورة جيدة في المجتمع كرجل مرح وطيب القلب. فمن الصعب تصور أن الشخص الذي يبدو بريئاً وحميماً يمكنه أن يكون قاتلاً متوحش.

بعد فحص هذه الحقائق، يطرح الكثير من التساؤلات حول طبيعة الجرائم الجنائية والصورة الظاهرية للجاني.

تأثير الإبتسامة الطيبة على المجتمع

هل يمكن بالفعل أن يخفي شخص أمثال جون واين جايسي وجهه المظلم ويعيش حياة طبيعية في الجانب الآخر من العملة؟ هل يمكن للبراءة والجاذبية الظاهرية أن تكون عباءة للرجل الشرير؟

تأكيدًا لهذه النقطة، تبقى حياة جون واين جايسي وجرائمه ذكرى مؤلمة بالنسبة لأسر ضحاياه وللمجتمع بأسره.

قضية جايسي تجسد مدى قسوة الجرائم المروعة التي يمكن أن يرتكبها البشر والحاجة إلى فهم علم النفس الجنائي لتوفير العدالة وحماية الضحايا.

وتفتح نقاشاً مهماً حول الجرائم المتسلسلة وطبيعة الشر في البشر. فماذا يمكننا أن نفعل كمجتمع للحد من هذه الجرائم؟

هل يجب أن تتم مراقبة المشتبه بهم المحتملين عن كثب، حتى إذا كانوا يظهرون صفات طيبة ولطيفة في العلن؟ وكيف يمكن للنظام القضائي أن يضمن العدالة للضحايا وأسرهم؟

تركت قصة جون واين جيسي بصمة أليمة على المجتمع الأمريكي وأصبحت مصدر إلهام للعديد من الأعمال الفنية والأفلام التي استعرضت حياة هذا الشخص وجرائمه الشنيعة. وتبقى حكايته عبر العصور تذكرنا بأن المظاهر قد تكون مخادعة، وأن الشر قد يكمن في أعماق البشر بطرق لا يمكن توقعها. ومع ذلك، فإن فهم الأسباب الدقيقة وراء انحرافه وارتكابه لجرائمه يبقى مسألة صعبة ومعقدة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث لمعرفة حقيقة تفكيره ودوافعه الداخلية.

المصادر

• Ressler, R., Burgess, A., & Douglas, J. (1988). Sexual killers and sadistic murderers: An analysis of sexual homicide. Lexington Books
• Norris, J. (2007). Serial killers: The method and madness of monsters. Penguin
• Sullivan, R., & Maiken, P. (2015). Killer clown: The John Wayne Gacy murders. Kensington
• Keppel, R. D. (1997). Signature killers. CRC Press
• Canter, D. (1995). The sexual serial killer: A behavioral analysis. Taylor & Francis