تخطى إلى المحتوى
قصة النبي يوسف الصديق وإخوته

قصة النبي يوسف الصديق وإخوته لقاء يوسف الصديق بأبوية

تُعد قصة النبي يوسف الصديق وإخوته من أجمل قصص الأنبياء في القرآن الكريم. لأنها مليئة بالعبر والدروس التي تُعلمنا أهمية الصبر والإيمان بالله تعالى. وقدرة الله على نصر عباده المخلصين على أذى من ظلموهم. فإن قصة سيدنا يوسف باختصار. تحثُنا على الصبر والكتمان على ظلم القريب والغريب. حتى يأتي الله عز وجل بالنصر المبين والتعويضه، لذا هيا بنا نستعرض سويًا قصة النبي. يوسف مع إخوته. وكيف عاد لأبويه ونصره الله سبحانه وتعالى على من ظلموه.

قصة النبي يوسف الصديق وإخوته

نزلت سورة قصة النبي يوسف الصديق. على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. قبل هجرته من مكة إلى المدينة. حيث جاء نزول السورة ردًا على سؤال طرحه كفار مكة على اليهود. وذلك عندما قالوا لهم: (سلوا محمدًا عن سبب انتقال آل يعقوب من الشام إلى مصر).
كما تُعدُّ قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم. من أروع قصص الأنبياء. لما بها من عبر ودروس مستفادة عن الصبر على الإبتلاء، حيث قال تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ). كما أنها تتضمن أيضًا تصديق ما جاءت به الكتب السماوية السابقة. حيث وردت القصة في سورة كاملة من القرآن الكريم، وذكر بها اسم النبي يوسف عليه السلام (21) مرة.
بينما كان النبي. يوسف عليه السلام من أعظم أنبياء الله تعالى. وقد كان كريمًا من كريم. فهو ابن النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام. وقد جاء في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله).

قصة النبي يوسف الصديق وإخوته

قصة النبي يوسف

بعد أن تعرفنا على أهمية وسبب نزول سورة يوسف في القرآن الكريم. هيا بنا نتعرض معًا على قصة سيدنا يوسف كاملة كما يلي:

رؤيا يوسف بالمنام والبشارة بالنبوة

بدأت قصة النبي يوسف الصديق وإخوته برؤيا المنام وبشارته بالنبوة، حيث رأى يوسف في منامه بإحدى الليالي أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر ساجدين له، وعندما روا رؤيته على والده، هنا أدرك يعقوب أن هذه الرؤيا تدل على مستقبل عظيم لابنه، فحذره من أن يخبر إخوته بها، خوفًا من حسدهم وكيدهم، وبالفعل أطاع يوسف والده وأضمر الرؤيا في نفسه، ليزداد حب يعقوب لابنه، فخصَّه بعطفه ورعايته، وغدا يحبه أكثر عن إخوته.

مؤامرة إخوة يوسف

لقد أثار حبَّ سيدنا يعقول ليوسف وأخيه الأصغر في نفوس إخوتهم الحسد والحقد، فوصفوا أباهم بالضلال، وفكروا في طريقة للتخلص من يوسف، لذلك اقترح أحد إخوة يوسف قتل يوسف، بما جاء في قوله تعالى: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)، ولكن رفض الآخرون هذا الاقتراح، واقترحوا بدلاً من ذلك نفيه في مكان بعيد كي تأكله الذئاب، ووافق الجميع على هذا الاقتراح.
وبعد ذلك طلب إخوة يوسف من أبيهم السماح له بالخروج معهم للعب، ولكنه كان رافضًا في البداية، لما ورد بقوله تعالى (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ)، ولكنهم وعدوه بأنهم سوف يحافظون عليه، ووافق الأب على طلبهم، ولكنَّه كان قلقًا على يوسف، وبعد أن خرجوا مع يوسف، ألقوا به في بئر عميق، ثم عادوا إلى أبيهم وخبروه أن الذئب قد أكله، ولكن سيدنا يعقوب لم يصدقهم وعلم أنهم أذوه، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).

رؤيا يوسف بالمنام والبشارة بالنبوة

إنقاذ النبي. يوسف

تأتي قصة النبي يوسف الصديق وإخوته بمرحلة إنقاذه من البئر، حيث كان يوسف وحيدًا في بئر عميق بليلة مظلمة، بعيدًا عن أبيه وبيته الآمن، حيث كان حزينًا وخائفًا، لا يعلم ما يخبئه له المستقبل، وفجأة سمع صوتًا، لقوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)، نظر يوسف إلى الأعلى فرأى رجلًا يمسك بدلوًا من الماء، حيث كان الرجل تبع قافلة من المسافرين الذين توقفوا للراحة.
أخرج الرجل يوسف من البئر، وأعطاه قطعة من الخبز والشراب، هما شعر يوسف بالسعادة والارتياح، فشكر الرجل على لطفه، وقرر المسافرون أخذ يوسف معهم إلى مصر لأنهم كانوا بحاجة إلى خادم، لقد علم إخوة يوسف بما حدث فلحقوا بالقافلة وادعوا أنه عبد لهم قد هرب منهم، ثم عرض أهل القافلة عليهم أن يشتروه منهم، وبالفعل وافق إخوة يوسف على بيعه مقابل عدة دراهم، لقوله تعالى: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)، غادرت القافلة ومعها يوسف إلى مصر، حتى يبدأ حياة جديدة في أرض جديدة، ولكنه لم ينس أبدًا عائلته.

يوسف في بيت عزيز مصر

عند وصول القافلة إلى مصر، قرروا بيع يوسف في سوق الرقيق. الذي كان منتشرًا في ذلك الوقت. حتى شاء الله جل شأنه أن يشتريه عزيز مصر. وزير البلاد وصاحب خزائنها. الذي أخذ يوف معه إلى منزله. وأحسن إليه وأوصى زوجته برعايته، وتوسم فيه الخير والصلاح، وهكذا انتقل يوسف من حياة الشدة والحقد والكيد والأذى، إلى حياة سعة القصور والتقدير والاحترام والرعاية.
لقد أتى عوض الله في قصة النبي يوسف الصديق وإخوته عن حنان أبيه بحنان عزيز مصر، الذي جعله وكأنه أحد أبنائه، وأعلى الله شأنه ورفع قدره، وعلمه وخصه بتفسير الرؤى، كما جاء في كتابه الكريم: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
عاش يوسف في منزل عزيز مصر عبدًا، حتى مرت السنوات وكبر وأصبح شابًا يافعًا قويًّا جميل الخُلق والخلقة، وآتاه الله العلم والحكمة والنبوة جزاء صبره على الأذى، لقوله تعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، ليوليه العزيز التصرف في كافة شؤون بيته وأعماله.

رحلة إخوة يوسف

جاءت سنوات الخصب السبع، فعمل يوسف بكل جد واجتهاد، ووصل النهار بالليل ليوفر الزائد من الغلات لسنوات القحط القادمة، حيث مرت هذه السنوات سريعًا، وبدأت سنوات القحط والشدة وقلة المطر وجفاف الأرض، في حين امتد أثر القحط إلى جميع البلدان من حول مصر، ولم يكن في مصر وحدها.
وعندما اشتد الكرب بالناس في قصة النبي يوسف الصديق، لجأوا إلى مصر طلبًا للطعام، حيث كانت مصر قبلة المحتاجين، وكان إخوة يوسف من بين الذين رحلوا إليها لطلب المعاونة على العيش، وبالفعل وصل إخوة يوسف إلى مصر، حاملين معهم بضاعة لكي يشتروا بها بعض الطعام. ودخلوا على يوسف الذي عرفهم. ولكنهم لم يعرفوه فقد فارقوه وهو صغير وباعوه للقافلة. ولكنه أكرمهم. وزودهم بالطعام وغيره من ما يحتاجونه لإهلهم ولسفرهم. فكان من عادة يوسف. إعطاء كل شخص حمل بعير واحد فقط لا يزيد ولا ينقص.
لتوضح لنا قصة النبي يوسف الصديق وإخوته إنهم عندما عاملهم بهذا الكرم. تشجعوا وطلبوا حملين إضافيين لأبيهم وأخيهم الأصغر. وهنا انتهز يوسف هذه الفرصة واشترط عليهم. إذا أرادوا أن يعودوا ثانية لشراء الطعام فعليهم أن يحضروا ذلك الأخ الصغير معهم. ولم يكن في وسع إخوة يوسف إلا الموافقة على طلبه. وهم يدركون أنه ليس من اليسير أن يستجيب لهم أبوهم.
في حين طلب يوسف من غلمانه الذين كانوا في خدمته. أن يضعون في رحال إخوته من دون علمهم بضاعتهم التي جاؤوا ليشتروا بها الطعام. حيث كان ذلك أدعى لرجوعهم مرة أخرى. وإحضار أخيهم معهم. فقد خاف يوسف ألا يكون معهم بضاعة غيرها. فلا يستطيعون الرجوع مرة ثانية.

عودة إخوة يوسف إلى أبيهم سيدنا يعقوب

بعد أن أكمل إخوة يوسف شراء الطعام، انطلقوا عائدين إلى بلادهم وتوجهوا إلى أبيهم يعقوب، فأخبروه بما حدث في رحلتهم، وما لقوه من كرم ومعاملة حسنة من عزيز مصر، ثم أخبروا أباهم بالشرط الذي اشترطه عليهم عزيز مصر، وهو أنه لن يعطيهم طعامًا مرة أخرى إلا إذا جاؤوا إلى مصر ومعهم أخوهم الأصغر.
طلب إخوة يوسف من أبيهم أن يرسل معهم أخوهم الأصغر، وأخذوا يتوددون له ويقنعونه بالموافقة على شرط العزيز، ووعدوه هذه المرة بحمايته وحفظه من أي مكروه، لكن يعقوب أبدى تخوُّفه مرة أخرى من طلبهم. ظنًا منه أنها مؤامرة جديدة من أبناءه، مذكرهم بما فعلوه في قصة النبي يوسف الصديق، وبأن الله هو خير الحافظين له من شرورهم وما يكيدون له.
رفض يعقوب طلبهم بشدة في البداية وذكرهم بما فعلون في قصة النبي يوسف الصديق وإخوته. لكنه وافق لاحقًا بعد ما أخبروه عن كرم العزيز. وأنهم وجدوابضاعتهم. ثم أخبر أبناءه أنه سوف يسمح لهم بأخذ أخيهم الأصغر منه بشرط أن يعاهدوه ويوثقوا أقوالهم. والله شهيد عليهم. بأن يعودوا بإبنه إليه.

لقوله تعالى: (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ).

إلا إذا حدث أمر خارج عن إرادتهم منعهم من العودة بأخيهم فهذا قضاء الله وقدره. وافق الإخوة على الشرط، وعاهدوا يعقوب بأن يحفظوا أخاهم الأصغر من كل سوء، وأنهم لن يعودوا بدونه مهما كلفهم الأمر، وعندها اطمئن يعقوب وذكرهم بأن الله شاهد على ما قالوه واتفقوا عليه، ولكن أوصاهم سيدنا يعقوب بأن يدخلوا إلى مصر من طرق متفرقة وليس كلهم من طريق واحد، ثم ذكَّرهم بأن هذا الإحتراز لا يرد قضاء الله وقدره، لكن عليهم أن يتوكلوا على الله ويأخذوا بالأسباب، حيث قال: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).

رحلة إخوة يوسف

خطة يوسف لبقاء أخيه

عاد إخوة سيدا يوسف لمصر مرة أخرة مع أخوهم الأصغر كما أمرهم أبوهم. ولكن هذه المرة لم يتفاجئ سيدنا يوسف، لأنه كان يعلم أنهم سوف يرجعون إليه، ولكنه عندما رأى أخوه أخبره بأنه يوسف. وأطلعوا على أمره وما حدث له، وأنه بعد أن أكرمهم وأشبعهم بالطعام، وجهز لهم القافلة بالمؤن والأطعمة، خطط بذكاء لإبقاء أخيه الأصغر عنده، فطلب من أحد العاملين عنده أن يضع السقاية في متاع أخيه الأصغر خلسة، دون أن ينتبه أحد، وبعد أن انطلقت القافلة، وساروا لمسافة ليست ببعيدة، أرسل يوسف رجلًا من عنده يلحق بهم، وعندما وصل الرجل إلى القافلة، قال: (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)
لقد تفاجأ إخوة يوسف باتهامهم بالسرقة، فإنهم واثقين من براءتهم، لكنهم لم يكونوا يعرفون ما الذي يمكن أن يحدث لهم إذا ما ثبتت إدانتهم (قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ)، فأجابهم بأنه فقد صواع الملك، الذي كان وعاءً ذا قيمة كبيرة يستخدمه في قياس الحبوب، لذلك كان فقدانه أمرًا خطيرًا.
ووعد المنادي الإخوة بمكافأة حمل بعير إضافي لمن يأتي به، حيث كانت هذه المكأفأة ذات قيمة كبيرة جدًا في ذلك الوقت، ولكن تعجَّب الإخوة من هذا الإتهام، وأخبروا قائلًا بأنهم (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ)، ولكن لم يصدقهم وأخبرهم: (قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ)، أجاب الإخوة بأنهم مقتنعون ببراءتهم، فقالوا إن جزاء من يثبت أنه سرق هو أن يصبح عبدًا مملوكًا لمن سَرق منه، وكان هذا عقابه لأنه تعدى على حدود الله بالسرقة.
بعد أن عادت القافلة في قصة النبي يوسف الصديق إلى قصر العزيز. حضر يوسف بنفسه إليها. وقام بتفتيش أمتعتهم بحثًا عن صواع الملك المفقود. ولكنه بدأ بتفتيش أمتعة إخوته الواحد تلو الآخر. فلم يعثر على الصواع. وعندما وصل إلى متاع أخيه الأصغر. تظاهر بأنه عثر على الصواع المفقود واستخرجه.

عودة يوسف لأبيه

شعر الإخوة بالخيبة الشديدة عندما رأوا أن أخيهم الأصغر قد تم اتهامه بالسرقة، فتذكروا وعدهم لأبيهم بأن لا يعودوا إلا وأخيهم معهم، وأدركوا أن هذا الموقف العصيب هو نتيجة لما فعلوه بيوسف من قبل، فشعروا بالندم والحزن، وبدءوا يستعطفون العزيز ويتوددون له في ذل وانكسار، طالبين منه أن يطلق سراح أخيهم الأصغر ويأخذ واحدًا منهم بدلًا عنه، لما ورد بقوله تعالى (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، ولكم سيدنا يوسف رفق وقال: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ).
ويتضح من قصة النبي يوسف الصديق وإخوته بعد أن فشلوا في استرداد أخاهم، كان الأخ الأكبر أكثر الإخوة تأثرًا بما حدث، فوقف أمام إخوته لما ورد بكتابه الكريم: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)، أمر الأخ الأكبر إخوته بالرجوع إلى أبيهم وإخباره بحقيقة ما حدث.
وبالفعل عادوا إلى أبيهم يعقوب، وأخبروه بما حدث، ولكن كان وقع هذا الخبر صاعقًا على يعقوب. فقد حزن حزنًا شديدًا .فاق حزنه أول مرة على يوسف. واليوم يفقد إبنين آخرين لا يعلم مصيرهما. ولكنه لم يقتنع برواية أبناءه، بل ظن أنه كذب وافتراء كالذي فعلوه من قبل في أخيهم يوسف. وطلب من الله أن يعينه على مصيبته بفقدان أبناءه. ويزيده صبرًا عليهم، ثم دعا الله أن يجمعه بهم في قوله تعالى: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

تحقق رؤيا يوسف عليه السلام

لقد أصيب سيدنا يعقوب بالعمى في قصة النبي يوسف الصديق وإخوته من شدة حزنه على فقدان يوسف وأخيه، وهنا رق قلب الإخوة على أبيهم، وتألموا لحاله وندموا على فعلوه وما حل به، وخافوا عليه من الهلاك. فقالوا له: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ)، ولكنه أخبرهم بأنه يشكو الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، لأنه كان على يقين بأن يوسف وأخيه على لا يزالان على قيد الحياة بسبب رؤيته من قبل.
لذا طلب من أبناءه الذهاب مرة أخرى إلى مصر للبحث عن يوسف وأخيه واستقصاء أخبارهما، لقوله: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، وفعًا عادوا إلى مصر وطلبو من سيدنا يوسف أن يعطيهم الطعام، فأخبرهم أنه سوف يفعل ذلك لكنه أراد أن يسألهم أولاً عن ما فعلوه بيوسف وأخيه، فكان سؤاله بمثابة تذكير لهم بخطيئتهم وظلمهم.
وهنا اكتشفوا أنه هو أخوهم يوسف، وشعروا بالذهول والندم الشديد على ما فعلوه به، لكنهم اعتذروا له عن فعلهم، وسامحهم يوسف ودعا الله أن يغفر لهم، لقوله تعالى: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، وأعطاهم قميصه ليذهبو به لأبيهم.
وعند عودهم لأبيهم بقميص يوسف، قال لهم: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ). وهنا أخبروه بما حدث لهم وقلوا له. (قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ). وبالفعل ارتد بصر سيدنا يعقوب. وأمسك بقيص يوسف. وانشراح صدره له. لقوله تعالى: (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٩٦﴾، وهما ندم الإخوة ندمًا شديدًا واعتذروا على ما فعلوه لأبيهم، وطلبوا منهم أن يستغرف لهم (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ٩٧ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

لقاء يوسف الصديق بأبوية

أخبرت إخوة يوسف أباهم أنَّ يوسف أصبح عزيز مصر، وأنَّه طلب منهم أن يحضروا أهلهم جميعًا إليه. فرِح يعقوب بهذا الخبر، وجمع أهله وتحركوا إلى مصر. وعند وصولهم فرح يوسف فرحًا شديدًا. واختضن أبويه. (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ٩٩﴾، وبدأ يروي قصة النبي يوسف الصديق خلال فترة غيابه عنهم. وخاصة قصة سيدنا يوسف مع زوجة العزيز، والذي حدث له بعد خروجه من السجن.
حيث يمكن تلخيص قصة النبي يوسف بأن الشيطان هو من أفسد بينه وبين إخوته وقطع صلة الرحم بينهم. وأن الله بحكمته ورحمته أعادهم إلى بعضهم البعض. بعد أن كان بينهم عداء وقطيعة. ولكن مَنَّ الله عليه من فضله ورحمته. وأظهر براءته وأصلح بينه وبين أخوته، وجعله عزيز مصر.

الأسئلة الشائعة حول قصة النبي يوسف الصديق وإخوته

بعد أن تعرفنا معًا على قصة النبي يوسف الصديق كاملة. هيا بنا نستعرض معا أهم الاستفسارات التي وردت بشأنها. كما يلي:

اين ولد النبي يوسف؟

ولد النبي يوسف في فدان آرام، وهي منطقة تقع في الجزء الشمالي من بلاد الشام، وتمتد على الحدود بين سوريا وتركيا.

ما اسماء اخوان النبي يوسف؟

إخوة النبي يوسف هم أبناء سيدنا يعقوب ويدعون بني إسرائيل وهم: (روبيل، شمعون، لاوي، يهوذا، زيالون، يشجر، دان، نفتالي، جاد، أشر)، بالإضافة إلى (بنيامين) الأخ الأصغر شقيق سيدنا يوسف من والدته (راحيل).

ما هي قصه النبي يوسف عليه السلام؟

يمكننا تلخيص قصة النبي يوسف بأنها قصة الصبر على الظلم والأذى والألم، حيث بدأت قصة النبي يوسف الصديق بأذى إخوته له وحقده على حب أبيه له، ومن ثم قصة سيدنا يوسف وزليخة إمرأة العزيز واتهامها له بفعل بإغواءها، والذي تسبب في سجنه، ولكن تنتهي قصة مثابرته وإخلاصه بعوض الله له، حتى يصبح عزيز مصر ويرد له أبويه وإخوته بعد أن نزغ الشيطان بينهم.

ختامًا لقد تعرفنا معًا على قصة النبي يوسف الصديق وإخوته، التي بدأت برؤية الصديق وبشارته بالنبوة، وبعد ذلك اشتعرضنا معًا مؤامرة إخوته عليه لاستخلاص حب ابيهم لهم وحدهم، ومن ثم قصة سيدنا يوسف وزليخة زوجة عزيز مصر الذي أواه وراعاه، حتى ختام القصة بعوض الله عز وجل له ليصبح عزيز مصر ذو الشأن العظيم.

شاركونا بـ قصة النبي يوسف الصديق وإخوته

للمزيد من الأدعية ومن عبارات موقعنا المميزة والرسائل الجميلة .. قوموا بمتابعة جديدنا عبر صفحاتنا في فيس بوك و تويتر لمشاهدة جديد العبارات والرسائل والخواطر والأدعية والكلمات الجميلة.

شاهد أيضاً

قصة الهدهد مع سيدنا سليمان

قصة سورة اصحاب الفيل

في اي سورة وردت قصة قارون

قصة ذو القرنين

قصة صقر قريش عبد الرحمن الداخل

انشرها على :
0 0 التقييمات
تقييم المقالة
نبهني
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments