المحتويات
قصة المثل وافق شن طبقة العبرة من قصة وافق شنٌ طبقة
إن المتبحر في أعماق الآداب العالمية والمطلع على ميزات كل أدب. سوف يتوصل دون أدنى شك إلى نتيجة مفادها أن كتب الأدب العربي عبر مسيرة الأدب الطويلة وضمن العصور الأدبية جميعها من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث. لم تخلُ مما يوحي ببراعة أدبائه وذائقتهم الفنية الفريدة من نوعها التي أهلتهم بدورها لإيجاز قصة أوتجربة حياتية كاملة تختزن الكثير من المواعظ والإرشادات في بضع كلمات تشكلّ مثلاً شعبياً. بحيث صاغوه بأسلوب أدبي بليغ لا يفتقر إلى المدلالات الموحية التي تستبطن ألفاظاً سلسة مأنوسة اعتدنا على تداولها في حياتنا اليومية بكل عفوية. فالأمثال الشعبية لشدّة تأثيرها في الأذهان والنفوس باتت لغة الشارع تتداولها ألسن جميع فئات المجتمع. لدرجة لم تعد فيها حكراً على فئة من الخواص ممن عرفوا بشغفهم واهتمامهم بالأدب. وذلك إن عاد إلى شيء إنما يعود إلى الحاجة الماسة إليها. لكونها أشبه بخارطة طريق تنبه المرء إلى مواطن الضعف وترشده إلى التماس الطريق الصحيح. فشيوع مثل هذا النوع من الآداب وانتشاره الواسع عبر ترجمته إلى الكثير من لغات العالم. ينم عن خبرة واسعة وثقافة لغوية عميق وذكاء أدبي عظيم امتاز به أدباؤنا العرب فمكّنهم من حشد المعاني العميقة في كلمة. وزجها بشكل بديع ضمن قالب أدبي متواضع يصلح ليكون مثلاً شعبية تطرب بسماعه الأذن وترتشفه الذاكرة كقطعة سكر. ومثل ” وافق شن طبقة” أحد أكثر الأمثال الشعبية العربية تداولاً وشيوعاً. ثلاث كلمات بسيطة صيغت في حبكة أدبية شديدة البلاغة. فلخصت لنا قصة حقيقية عاش أبطالها كل تفاصيلها ومكامنها. خرجوا منها بهذا المثل ليكون عبرة لمن اراد العبرة. ما يثير شغفنا ويدفعنا للاطلاع عليها ومعرفة تفاصيل أحداثها بدقة.
قصة المثل وافق شن طبقة
كخطوة سابقة لمعرفة قصة المثل الأكثر شهرة” وافق شن طبقة” ينتابنا الفضول لزيارة معاجم اللغة العربية الثرية والتعرف على معاني الألفاظ التي نسجت منها خيوط هذا المثل. علنا نقف بشكل مبسط على أسرار بلاغته وسرعة انتشاره وكثرة تداوله رغم أنه وليد عصر سحيق عن عصرنا الحالي. فمن بيئة جاهلية جاءنا هذا المثل الذي لا أظن أن أحداً يمكن أن يضل طريق معاني كلماته لبساطتها. فكلمة ” وافقَ” المشتقة من الجذر اللغوي” وفق” تشير إلى حالة الاتفاق والالتقاء في الأفكار وهي ضد كلمة “اختلف”. في حين تشير كلمة “شن” لغويّاً إلى الأشياء التي دخل الجلد في صناعتها. أمّا كلمة” طبقة” فإن مدلولاتها تتنوع فتشير في إحداها بشكل موجز إلى المطابقة والجمع بين شخصين بهدف الزواج. كما يقصد بها الشيء الذي يغطي الآنية. وفي بعض المعاجم تعني الأفعى. وعلى الرغم من أن معاني كلمات هذا المثل قد لا تتوافق بشكل مطلق وبدقة مع العبرة المرادة منه. إلا أنه يكفي أن توحي إليه إيحاءً جذاباً يحث المتبحر فيه على سبر أغوار المثل ومعرفة معانيه. التي لا شك أنها سوف تثري معجمه اللغوي وتنبئه حتماً ببلاغة هذا النوع من الأدب وبراعة رواده. “فوافق شن طبقة” بحسب آراء ذوي الخبرة والاختصاص يطلق عندما تتلاقى أفكار أكثر من فرد عرف عنهم الحنكة والفطنة وسرعة البديهة والبصيرة واليقظة. فاتفقوا في الرأي وأطلقوا حكماً واحداً على الأمر المعروض أمامهم. فهذا المثل واحد من الأمثال التي تشير إلى ثراء اللغة العربية بالإيحاءات الذكية. التي تحث المرء إلى التمتع باليقظة الفكرية والفراسة لمعرفة المقصود من الكلام بدقة مما يكسبه لسان فصيح وعقل مدبر.
قصة وافق شن طبقة
تدور أحداث قصة مثل وافق شن طبقة في بيئة جاهلية. عُرف عن أهلها فصاحة اللسان وعمق البديهة اللغوية الفريدة. ويقول أحد رواة أحداثها: أن أعرابياً ممن اشتهر بسرعة بديهته وفطنته آنذاك وصل به العمر إلى سن الزواج. فرغب أن يختار لنفسه زوجة تتوافق مع أفكاره وتنسجم معه علّه يهنأ معها بحياة هادئة وسعيدة. ولتحقيق هذه الغاية قرر أن يجول في البلاد المجاورة عساه يعثر على الصبية التي ترقى لتكون شريكة حياته. وخلال رحلته صادف أعرابياً، فقرر شن أن يتشاركا معه درب الرحلة ليؤنسا بعضهما من وحشة الطريق وطوله. فبادر شن الأعرابي بالسؤال عن المنطقة التي يقصدها وشاركه المسير إليها. وأثناء الرحلة لا بد أن “شن” قرر أن يمتحن ثقافة هذا الأعرابي اللغوية فقال له: هلا حملتني أم أنا أبادر بحملك؟. ولكن جواب الأعرابي لم يتوافق مع رؤية” شن” وخيّب ظنونه. إذ استجهن الأعرابي هذا السؤال الغريب منه وكلاهما يمتطي فرساً. فكيف لهما أن يحملا بعضهما؟ ما دفع شن للصمت ومتابعة المسير. وما أن وصلا على مشارف البلدة المتواضعة التي قصداها. لاحظ “شن” أرضاً تم حصاد زرعها.
فسأل الأعرابي عن مصير هذا الزرع أكل أم لم يؤكل؟ ولكن سرعان ما عجل الرجل بالحكم عليه ببساطة العقل. إذا استخف بسؤاله واعتبره نوعاً من الغباء. فلاذ ” شن” بالصمت مرة أخرى. وما أن وصلا البلدة وهمّا بدخولها صادفا جماعة تحمل تابوتاً. فسأل “شن” الأعرابي عن حال المتوفى إذا كان حياً أم ميتاً. ما أثار حفيظته ودهشته من هذا السؤال. فتابعا الطريق بعد أن رفض الأعرابي اعتذار “شن” من مرافقته إلى بيته وإكرامه. وكان لهذا الأعرابي فتاة تدعى” طبقة” عرفت بسرعة بديهتها وبصيرتها. فما أن وصل وضيفه عرفها عليه وروى لها أحداث الرحلة والأسئلة الغريبة التي وجهها هذا الشاب له متذمراً من هشاشة عقله.
تفسير الفتاة لأسئلة الرجل
تفاجئ الأعرابي من جواب إبنته. بأن هذا الشاب على عكس ما تخيل. فهو بليغ وذو معرفة لغوية عميقة وثرية. وشرحت له أن ما قصده من سؤاله: أتحملني أم أحملك. يعني هل تبادر أنت بالحديث أم أبادر أنا كي لا نشعر بتعب الدرب. أما عن سؤاله عن الزرع أكل أما لا. فقصد به هل أصحابه باعوه فأكلوا حقه؟ وسؤاله عن الشخص المتوفى أراد به معرفة إذا ما كان له ابن يحمل اسمه. فاستهجن الأعرابي من فصاحة شن. وخرج إليه ليعلمه بإجابة سأل خلال الرحلة. ولكن شن لذكائه لم يفته الأمر فسأله عن الشخص الذي فسر له مقصده في الأسئلة. فأعلمه الرجل بأمر ابنته. الأمر الذي شجع “شن” على طلب يدها لأنها الفتاة التي خرج ليبحث عنها لتكون شركة حياته المرجوة. فتقدم لخطبتها منه وتم الزواج وعاد بها إلى بيته. ومن هذه القصة جاء المثل” وافق شن طبقة.”
العبرة من قصة وافق شنٌ طبقة
لا تغني معرفة أحداث قصة مثل وافق شن طبقة عن استقاء العبرة منه. فحكمة المثل هي الغاية الجوهرية منه أولاً وأخيراً. ولعل العظة التي يمكن أن نستقيها منه تتلخص في ضرورة عدم التسرع في الحكم على الأشخاص. وضرورة تحكيم العقل لاختيار الزوجة التي تتفق مع طريقة تفكير المرء وأسلوب حياته. فالتوافق الفكري بين الزوجين أساس السعادة في الحياة الزوجية وسر من أسرار استمرار هذا الزواج. فمن هذه القصة الثرية بالحكم والمواعظ يمكن للمرء أن يخرج بكثير من الدروس الحياتية التي عليه أن يتقنها ليعيش حياته بسلام.
قصة مثل وافق شن طبقة كانت جوهر مقالنا الذي حرصنا على تقديمه للقارئ بقالب سلس يمتعه ويغني معرفته. عسر أن نكون أفلحنا في ذلك.
شاركونا بـ قصة المثل وافق شن طبقة
للمزيد من الأدعية ومن عبارات موقعنا المميزة والرسائل الجميلة .. قوموا بمتابعة جديدنا عبر صفحاتنا في فيس بوك و تويتر لمشاهدة جديد العبارات والرسائل والخواطر والأدعية والكلمات الجميلة.
شاهد أيضاً